الدلع كلة
عدد الرسائل : 11 تاريخ التسجيل : 05/04/2007
| موضوع: أخلاق ليس إلا ! السبت أبريل 14, 2007 9:53 pm | |
| تواصل شركة جنرال موتورز عملاق صناعة السيارات الأمريكية تسريح موظفيها وإغلاق مصانعها، بينما دشنت شركة تويوتا «اليابانية» عاشر مصانعها وتستمر في توظيف واستحداث وظائف للآلاف. كل ذلك يحدث داخل أمريكا نفسها، وتذوب الحدود وتختفي الفروق، وأستغرب كيف نجحت الشركات متعددة الجنسيات في الانتشار بينما تفشل بعض الدول المتعددة الثقافات في التعايش؟ فها هي أوروبا تسطر حروفا حضارية جديدة في مسيرتها المدنية وتقلب صفحة بغيضة من الاقتتال الطائفي الموتور. فمشهد اللقاء بين جيري آدامز زعيم الكاثوليك الايرلنديين وإيان بايزلي زعيم البروتستانت كان بالغ الدلالة أن مرحلة العيش المشترك قد بدأت والتوافق السياسي قد تم. واللقاء (وإن خلا من مصافحة اليد البروتوكولية) إلا أنه انتصار للعقل وتثبيت للنظام والقانون وهزيمة نكراء للتعصب والبغضاء والجهل. كان لابد من اسقاط هذا الخبر على الواقع المعاصر في العالم العربي اليوم. هذا العالم بمشاهده «الظاهرة» في العراق ولبنان و«المخيفة» في مواقع أخرى، لا يزال يئن وبشدة تحت وطأة التمايز والتفرقة والعنصرية، بل إن كل هذه المفاهيم تكرس وتؤطر عبر أحكام وأنظمة وقوانين وتشريعات. ولا يزال البحث مستمرا عن مواقع التمايز والتباين بدلا من العناصر المشتركة والمتممة لأبناء البلد الواحد، متناسين أن الخطاب الديني بني على التكافؤ والمساواة، ومفضلين مشاهد بائسة و«قيما وأعرافا» جاهلية. فها هو المشهد العراقي البائس يحذر وبشدة مما قد تؤول اليه الأمور إذا لم يتم تداركها مبكرا، فبعد أن كان العراقي يعرف نفسه بأنه عراقي, فقط أصبح الآن يعرف نفسه بأنه مسلم (أو مسيحي) سني (أو شيعي) عربي (أو كردي) ثم يدخل في تفريعات أخرى كصوفي وسلفي وغير ذلك. والكاتب العبقري أمين معلوف في كتابه الفذ «الهويات القاتلة» يفند مأساة الانتماء والأصول والفروع بشكل مذهل ويوضح ما حدث في يوغسلافيا قبل وبعد تفتيتها، ثم يستشهد بوقائع من صميم تاريخ أسرته هو شخصيا: آل معلوف والذين انتشروا في بلاد الله الواسعة، فمنهم من بقي في لبنان ومنهم من رحل الى أستراليا وأفريقيا وأمريكا وأوروبا والبرازيل وكوبا، بل أن أحدهم (باولو معلوف) وصل الى سدة الحكم في أكبر مقاطعات البرازيل: ساوباولو ورشح نفسه لرئاسة البرازيل نفسها ليكون مثالا مبهرا على نجاح أبناء الثقافات المختلفة في بلاد الأمازون. وكل ذلك حدث بدون أن تنعت حالات النجاح المبهرة هذه بأنهم «طرش أنهار» أو بأنهم «بقايا مهاجرين». فكرة العرق الأسمى أو العنصر الأرقى موجودة وبخير في أدبيات ومعتقدات الدين الهندوسي والصهيونية والنازية والأبارتايد، تكمن المصيبة أن نفس الروح الخبيثة هذه موجودة وبألف خير في العالم العربي، ولكنها تغلف بديباجات العذر الديني والتفهم للأعراف الاجتماعية، وهذا لعمري نفاق عجيب لا يمحوه إلا صحوة أخلاقية، فاستمرار هذا الطرح هو أدب ناقص والذي كانت البعثة المحمدية لأجله، فكما قال صاحبها عليه الصلاة والسلام «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». | |
|