أشياء كثيرة، بل ظواهر كثيرة، ما زالت تحدث لدينا وبشكل مستمر دون أن نضعها في إطار الممارسة الخاطئة، بل حتى المتخلفة.
لقد طفنا معظم أرض الله الواسعة وقرأنا صحفها وشاهدنا أخبارها ووقفنا على نهضتها ومشاريعها ولكن لم نشاهد شبيهاً لما تفعله وزاراتنا ويجب أن يندرج تحت بند المساءلة الحقيقية..
يسافر الوزير أو من يمثله لافتتاح أو وضع حجر الأساس في مدينة ما من منطقة ما لواحد من المشاريع الأساسية الحيوية التي يفترض وجودها منذ زمن طويل، وما إن يحين يوم الافتتاح الميمون إلا والصحف قد امتلأت بالملاحق الإعلانية لتلك الوزارة أو ممثليتها في تلك المنطقة، وهي ملاحق مليئة بالتمجيد لذلك المنجز الخرافي وبقية المنجزات الأسطورية لتلك الوزارة في العهد الميمون لهذا الوزير، تزينها صوره وصور أركان وزارته في كل زاوية من الملحق، كل الموظفين يهنئون بعضهم ويهنئون الوزير، والوزير يهنئ المجتمع، ومن لهم مصلحة من أهل المنطقة لابد أن يشاركوا بالتهنئة والثرثرة التي لا معنى لها..
السؤال هو: من يدفع تكاليف هذا المهرجان؟
والجواب بسيط: الإدارة المعنية في منطقة المشروع العظيم، وهذا الدفع إما مباشرة من ميزانيتها وإما عن طريق الشركات والمؤسسات التي تعمل معها، وهذه الشركات والمؤسسات لا تدفع لوجه الله أو حباً في الوزارة أو المواطن، ولكنها تدفع بمقايضة قد تكون في شكل تنازلات من الإدارة المعنية عن بعض المواصفات أو غض النظر عن بعض القصور في الأداء، وهنا الفضيحة والكارثة..
إن مثل هذه الممارسة يجب أن تتوقف لأنها في غاية الاستهتار بعقول الناس، ولأن فيها شبهة كبيرة للوزارة ومشاريعها وأمانتها ومصداقيتها، ولأننا أصبحنا نخجل منها لأننا الشعب الوحيد الذي ما زال يمارسها.