18/04/2007 بغداد - نزار حاتم:
مثلت عملية انسحاب التيار الصدري من الطاقم الحكومي منعطفا جديدا في مجمل العملية السياسية على اكثر من صعيد، ناهيك عن انها زادت من تعاطف الشارع العراقي مع هذه الخطوة وصاحبها بشكل ملحوظ.
بخلاف توقعات بعض الساسة والمتابعين العراقيين، لم تشكل خطوة الانسحاب اي تهديد للحكومة بل العكس كان صحيحا حيث سارع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى توجيه الشكر لزعيم التيار السيد مقتدى الصدر على اتخاذه القرار باخلاء الوزارات الست المحسوبة على تياره وتفويض رئيس الحكومة مهمة اسنادها الى عناصر كفوءة وبعيدة عن المحاصصة التي وقفت حائلا دون اجراء تعديلات وزارية يفترض ان تشمل نحو اثنتي عشرة وزارة.
المالكي وصف خطوة الصدريين بانها 'تهدف الى دعم العملية السياسية'. واضاف ان 'المحاصصة الطائفية ليست الخيار المناسب الذي يمكن ان يساعد البلاد في مواجهة التحديات'.
وفي الوقت الذي وصف العراقيون قرار التيار بانه يعبر عن زهد في المواقع وعن تضحية في سبيل المصلحة الوطنية، اعرب سياسيون وشخصيات عراقية عن املهم في ان تحذو الكتل النيابية الاخرى حذو الكتلة الصدرية لتفتيت مبدا المحاصصة.
وبلا ادنى شك يمكن القول ان التيار الصدري قد وجه بخطوته 'حديث الساعة' صفعة قوية لجميع الراغبين في تسيير العملية السياسية على اسس طائفية وعرقية، كما احرج التكتلات البرلمانية الاخرى بعد ان وضعها بين خيارين هما: تغليب المصلحة الوطنية، او الانزواء خلف المحاصصة التي اثبتت عمليا انها تشكل خطرا على العراق وبنيته الاجتماعية.
المالكي الذي يجهد في محاولاته الرامية الى احداث تغيير شامل في طاقمه الحكومي لاستيزار عناصر مهنية، قد اعطته عملية انسحاب الوزراء الصدريين من مواقعهم دفعة قوية في مواجهة بعض الكتل النيابية التي مازالت تماطل في تقديم مرشحيها البدلاء الى رئيس الحكومة في اطار الكفاءة - اولا وقبل كل شيء-.
البعد الإيجابي
انسحاب التيار من الحكومة وبقاؤه في البرلمان اعطى لمبادرته بعدا ايجابيا، فهو في اسوا القراءات لهذا الحدث انه قد يمثل نوعا من الاحتجاج على العملية السياسية وليس رفضا لها. فقد اكد العضو البارز في كتلة التيار الصدري بهاء الاعرجي 'ان انسحابنا من الحكومة بمنزلة رسالة الى كل الكتل المشاركة في العملية السياسية لرفض الطائفية والمحاصصة ولافساح المجال امام رئيس الوزراء لاختيار الاكفاء والمخلصين لانقاذ الشعب العراقي من محنته'. واضاف الاعرجي 'اننا سنساند الحكومة وان نواب الكتلة الصدرية سيمارسون من خلال مواقعهم البرلمانية عملية تقويم الاداء الحكومي من اجل المصلحة العامة'.
واذا ما كان رئيس الوزراء قد اعلن - اكثر من مرة - عن اجراء تغيير وشيك في وزارته ولم يتمكن بسبب الكتل النيابية واحتكامها لمبدا المحاصصة فانه عقب انسحاب التيار الصدري من الحكومة، قد بات اكثر قربا من تحقيق عملية التغيير ذلك لان الكتلة الصدرية في المجلس النيابي ستكون اكثر دعما له في محاولة انجازها مادامت قد اصبحت القضية التغييرية في الحكومة تمثل رؤية التيار الصدري ومتبنياته.
وكان رئيس الوزراء قبل اقدام التيار على هذه الخطوة قد اكد امام كتلة الائتلاف التي ينتمي اليها عن عزمه على مكاشفة ابناء الشعب في حال واصلت الكتل النيابية مماطلتها حيال تقديم مرشحيها، وبالتالي فان جميع الكتل السياسية قد باتت تدرك ان رئيس الحكومة قد لا يتردد في الاقدام على طرح الحقائق امام الراي العام العراقي مدعوما باكبر كتلة برلمانية هي كتلة التيار الصدري.
وزاوية اخرى في اعلان زعيم التيار الصدري سحب وزرائه من الحكومة هي ان بعض القوى السياسية الراغبة في تقويض العملية السياسية قد فوجئوا بصدمة عنيفة بهذا الاعلان بهذه الصورة، فقد كانت هذه القوى تنتظر على وقع الاشاعات ان يبادر التيار الى الانسحاب من العملية السياسية بكاملها والالتحاق بالقوى المناهضة لها ليتسبب ذلك في ارباك برلماني ربما يفضي الى اصطفافات جديدة من شانها ان تطيح بالحكومة.