بين التعليم الأجنبي والمحلي! ( 2-1)
خلال الأعوام القريبة الماضية انتشرت في منطقة الخليج المؤسسات التربوية الأجنبية، وتحمّس بعض الناس لإلحاق أولادهم بها لأنهم يرونها تقدم للطلاب تعليماً يشحذ العقول ويُنمِّي المدارك ويصقل الشخصيات، فاندفعوا نحوها مُرحبين بها فرحين لانتشارها. إلا أنه على الطرف الآخر، هناك من يقف مُتشككاً حيال انتشار هذه المدارس، ويرى أنها وإن كانت تقدم تعليماً هو في صورته الظاهرة أفضل بكثير مما تقدمه المدارس المحلية، إلا أنه في صورته المتكاملة وعلى المدى الطويل قد لا يكون كذلك.
فهذه المدارس لكونها تنتمي إلى مجتمعات أخرى فإنها في خلفيتها الثقافية ترتبط بثقافة تلك المجتمعات التي تنتمي إليها، ومن المتوقع أن يتشرّب الطلاب الثقافة التي تطرحها مدرستهم وهي ثقافة مختلفة عن ثقافة مجتمعهم بكل ما فيها من قيم وأفكار ومفاهيم، فينشأ الطلاب وهم يشعرون بالانفصال عن مجتمعهم وبيئتهم وثقافتهم، فيصيرون كالغرباء في مجتمعها ويُعمّق في نفوسهم الشعور بالاغتراب وعدم الانتماء إلى المجتمع. وإذا كنا الآن نشكو من ضعف الشعور بالانتماء إلى الوطن لدى أبناء هذا الجيل الذي يتعلم في مدارسنا المحلية المُشبعة بروح المجتمع وثقافته، فما بالك بجيل قادم يتم تعليم نسبة كبيرة من أبنائه في مدارس أجنبية مُشبعة بثقافة مجتمعات أخرى؟ أليس من المتوقع أن يكون لديهم الضعف في الشعور بالانتماء أشد وأقوى؟
ص.ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382